مبادرة حماية المسار الديموقراطي

بيان بيان مبادرة حماية المسار الديموقراطي

اغتيال الشهيد شكري بلعيد ثم محمد البراهمي ... سقوط عسكريين و أمنيين برصاص الغدر, تسارع العمليات الإرهابية.. وضع اقتصادي يزداد هشاشة و صعوبة .. انقسام الشارع و النخب السياسية ... إنها مؤشرات زادت من حجم المخاوف لدى التونسيين, و عمقت لديهم الاحساس بأن مستقبلهم يكاد يصبح رهينة المتحكمين في اللعبة السياسية . في ضوء ذلك يهمنا أن نؤكد على ما يلي:

أولا: رغم هذه المخاطر هناك أمل في أن الحالة العامة ليست قائمة و أن ما يحدث من حراك و احتجاج يبرز نقاطا مضيئة في المجتمع. الاهتمام بالشأن العام لا يزال قويا, كما أن البحث عن توازن جديد بين الدولة و المجتمع لا يزال قائما بقوة.. تونس عميقة في قلوب أبنائها, و الديمقراطية باقية كمشروع مجتمعي لدى عموم التونسيين.

ما يجب الحرص عليه هو حماية هذا الحراك الجماعي, حتى يبقى سلميا, و ناضجا,و بناءا, و بعيدا عن مظاهر العنف و الإقصاء المتبادل, و ألا يفضي إلى أوضاع أكثر سوء و تعقيدا, و أن يشكل فرصة لتعميق الانتماء إلى تونس كحاضنة لجميع أبنائها, لا تقصي من فضائها إلا من اتخذ من خطاب الكراهية و العنف و الإرهاب وسائل للتحكم و فرض الأفكار و القناعات .

اللجوء إلى الشارع وسيلة مشروعة , لكن تحويلها إلى أسلوب للاستئساد و المغالبة, من شأنه أن يفتح المجال أمام مخاطر لا يمكن أن تتحملها البلاد في هذه الفترة الحرجة .

ثانيا: يقوم الجيش و الأجهزة الأمنية بدور حيوي و أساسي في المعركة ضد العنف و الإرهاب. و هو ما يفرض على الجميع مساندة هذه الجهود الجبارة , و العمل على رفع معنويات الذين يقومون بها و التي أدت إلى سقوط شهداء و جرحى .

إن الإبقاء على المؤسستين العسكرية و الأمنية بعيدتان عن التجاذبات الحزبية و السياسية يشكل ضرورة عاجلة لحماية البلاد من كل المخاطر . كما أن محاولات استنساخ التجربة المصرية, ليست فقط أمرا عقيما, و إنما هو أيضا عمل من شأنه أن يزج بتونس في سيناريوهات مكلفة و افتراضية.

ثالثا : الحالة الأمنية و السياسية و الاقتصادية كل لا يتجزأ . و ما يجري في تونس هو أزمة سياسية بامتياز انعكست على الأداء الأمني, و أثرت فيه إلى حد بعيد. و بناء عليه, فان التوصل بشكل سريع الى الخروج من الأزمة الراهنة عبر حلول سياسية و هو الضمان الوحيد لحماية البلاد من التهديدات الإرهابية التي تتغذى من الانقسامات العمودية و الأفقية .

رابعا : الأحزاب شرط لتحقيق الديمقراطية ، لكنها يمكن أن تتحول الى عائق جدي قد يهدد الانتقال الديمقراطي. وفي هذا السياق تعددت المؤشرات حول وجود أزمة ثقة بين المواطنين ومختلف الأحزاب، سواء الحاكمة منها أو المعارضة.

خامسا : الأغلبية العدديّة، و ان كانت من بين آليات النظام الديمقراطي إلا أنها غير كافية لتحقيق الاستقرار  و ضمان الانتقال السياسي بأقل كلفة. إن الديمقراطية التوافقية مبدأ أساسي، و ضمانة هامة لحماية المسار.

تونس اليوم في أشد الحاجة لنخبة سياسية تتقن مسك العصى من الوسط وتعرف كيف تجعل من الاختلاف والتنوع مصدر قوة لا سبب فتنة ,و وبذلك ترتبط الشرعية بمفهوم دولة القانون .

سادسا : الحكم ليس غاية في حد ذاته وكلما أخفق الحاكمون إلا أدّى ذلك إلى الاحتقان وإرباك الاستقرار السياسي ولهذا السبب لا يوجد تفويض مطلق لأي كان بمن في ذلك الذين يتم انتخابهم ديمقراطيّا لكن في المقابل فإن إقناع هؤلاء بالتخلّي عن الحكومة يجب أن يتمّ بناء على آليات الديمقراطيّة أو التوافق العام أو مرجعيّات قانونيّة .

سابعا : الاعلام رديف الديمقراطيّة ووسيلة لا مفرّ منها لإقامتها ودعمها . لكن ذلك لا يكفي وحده لتنزيه الاعلاميين من الوقوع في الخطأ خاصة في المراحل الانتقاليّة , ولهذا يجب أن يتمّ إشراكهم في هذه المرحلة دون الوقوع في مزيد من تعميق الانقسام المجتمعي أو ترويج خطاب الاقصاء والكراهية أو تقديم صورة سلبيّة عن أوضاع لها وجوه متعدّدة .  حريّة الاعلام مقدّسة وما يجب العمل على تحقيقه أو خلق معادلة بينها وبين مصلحة وطن ينتظر انتقالا ديمقراطيّا موفقا .   ويمكن أن يحل ذلك من خلال الحوار وبناء توافق بين مختلف الفرقاء بمن فيهم الاعلاميون .

في هذه الأجواء , الجميع مدعوّون الى الارتقاء الى مستوى المسؤوليّة الوطنيّة والعمل على التوصل الى تسوية  تاريخيّة عاجلة ومؤقّتة . ومن أجل ذلك نتقدّم بهذه المبادرة التي من شأنها أن تساعد على تنظيم انتخابات في مناخ جيّد وسلمي بعيدا عن أي تشكيك في نتائجها , إنها مبادرة داعمة لكل المبادرات التي تصب في نفس الاتجاه .

 

 

 

تونس في 06 أوت2013

مبادرة حماية المسار الديموقراطي

نحن نشطاء المجتمع المدني الموقعين أدناه بعد تداولهم في تطوّر الأوضاع السياسية والأمنية في البلاد وما تشهده من احتقان شعبي وانقسام للطبقة السياسية وتهديد للوحدة الوطنية في أجواء من الإرهاب وعدم الاستقرار.

وإذ نلاحظ انسداد الآفاق وتعطل الحوار بين مختلف الفرقاء السياسيين ونقل الصراعات إلى الشارع وتجاوز الحدود الطبيعية لحرية التعبير والتظاهر السلمي.

وإذ ننبه إلى تفاقم الأزمات التي تعيشها المؤسسات الانتقالية كالمجلس الوطني التأسيسي والحكومة المؤقتة والاتهامات الموجهة للنخب السياسية وانقطاع الأمل لدى المواطنين من تغيير أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية.

وإذ نؤكد أن تلك الظواهر تتنافى مع ضرورة التصدي جماعيا للإرهاب والاغتيال السياسي والجريمة المنظمة وتوفير شروط الانتقال الديمقراطي السلمي وضمان انتخابات شفافة ونزيهة.

وشعورا منا بمسؤولية المساهمة في إيجاد الحلول للأزمة السياسية الخانقة والحيلولة دون انتكاسة الانتقال الديموقراطي وإيقاف مساره والانحراف بمبادئ الثورة وأهدافها.

واعتمادا على إرادة الجميع إنقاذ البلاد على أساسٍ من التوافق والمحافظة على مكتسبات الثورة وضمان استمرارية الدولة ومؤسساتها.

وإدراكا منا لما تطرحه الأزمة الحالية من تحديات جدية لسلطة الدولة وسلامة الوطن وما تمثله من اختبار لتضامن التونسيين وتماسكهم.

وبناء على تلك الاسباب نعرض على الرأي العام والأطراف السياسية ومكونات المجتمع المدني مبادرة حماية المسار الديموقراطي المتضمّنة ما يلي:

 

أولا: في مرتكزات المبادرة:

تستند المبادرة إلى قاعدتين أساسيتين:

المحافظة على مقومات سيادة القانون كاعتبار المجلس الوطني التأسيسي «السلطة الشرعية الاصلية».

1) اعتماد ممارسة ديموقراطية توافقية بين مختلف الأطراف السياسية والمدنية مع دعم كل المبادرات الوطنية التي من شأنها المساهمة في تجاوز الأزمة الحالية.

 

ثانيا: في التزامات الفُرقاء السياسيين:

وذلك بناء على تسليم الأطراف الفاعلة بمسؤوليتها المشتركة في الأزمة وضرورة مساهمتها في نزع فتيل الاحتقان بجميع مظاهره، واعتبارا لما يتهدد البلاد من احتمالات الفوضى والانقسام، ويستوجب الأمر على الأقل:

1) تنازلات متبادلة عن المواقف المعلنة: وذلك من جانب جهات أساسية هي:

أ‌) الحكومة المؤقتة: التي يُطلب منها التخلي عن تمسكها بمواصلة العمل دون تغيير وتقديم استقالتها تبعا لذلك لفسح المجال لتشكيل حكومة جديدة على أسس مغايرة.

ب‌) حركة النهضة: التي يطلب منها بصفتها الحزب الحاصل على أكبر عدد من المقاعد بالمجلس الوطني التأسيسي التنازل عن تكليف مرشحها بتشكيل الحكومة طبق ما تقتضيه الفقرة الأولى من الفصل 15 من التنظيم المؤقت للسلط العمومية.

ج)  جبهة الإنقاذ الوطني: التي يطلب منها في مقابل ذلك التراجع عن مواقفها والجلوس على طاولة الحوار دون شروط والتقيّد بمقتضيات سيادة القانون.

د)  نواب المجلس الوطني التأسيسي المنسحبون: ويطلب منهم تبعا للتنازلات المذكورة العدول عن قرارات الانسحاب من المجلس واستئناف مهامهم طبق ما يقتضيه التنظيم المؤقت للسلط العمومية والنظام الداخلي للمجلس التأسيسي.

ه- رئيس المجلس الوطني التأسيسي: ويُطلب منه التعجيل بتنفيذ الاتفاقات المُبرمة بشأن الدستور وإيجاد التوافقات بين مختلف الكتل النيابية بخصوص صياغة الدستور وهيئة الانتخابات والقانون الانتخابي والاستئناس في ذلك برأي الخبراء.

 

2) إجراءات تهدئة تصدر من الأطراف الفاعلة في الازمة : سواء على مستوى التحركات أو الخطابات السياسية وذلك بقصد التخفيف من مظاهر الاحتقان والتوتر وتوسيع حظوظ النجاح للمبادرات السلمية، ويستوجب ذلك تجميد التظاهرات والاحتجاجات العامة ورفع الاعتصامات السلمية وخصوصا الاعتصامَيْن المُقَامَيْن أمام مقر المجلس الوطني التأسيسي إضافة إلى دعوة بعض المنظمات والجمعيات إلى التزام الحياد إزاء الأطراف المتصارعة وعدم استغلال وسائل الإعلام لتعميق الاحتقان السياسي وشحن الشارع.

 

ثالثا: في تشكيل الحكومة المؤقتة:

ويجب أن يُراعي في هذا الشأن الأحكام الواردة بالتنظيم المؤقت للسلط العمومية ورغبة أطراف متعددة في تكليف شخصية مستقلة لرئاسة الحكومة وتشكيلها من عدد محدود ومن كفاءات أو شخصيات وطنية تلتزم بعدم الترشح في الانتخابات القادمة، ويستوجب ذلك في ضوء ما تقتضيه الفقرة الاخيرة من الفصل 15 من التنظيم المؤقت للسلط العمومية:

1) دعوة رئيس الجمهورية للأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لإجراء مشاورات بعد استقالة الحكومة الحالية.

2) التوافق على تكليف الشخصية الأقدر على تشكيل الحكومة من ضمن الاقتراحات المقدمة من مختلف الأحزاب والكتل النيابية ويمكن أن يتم الاتفاق على تكليف شخصية وطنية حسب ما تقتضيه المصلحة العامة ومعايير الكفاءة.

3) صدور التكليف من رئيس الجمهورية للشخصية الأقدر على تشكيل الحكومة في أجل لا يتجاوز 15 يوما.

4) إحالة ملف تشكيل الحكومة على المجلس الوطني التأسيسي لمنحها الثقة.

رابعا: في هيئة الحوار الوطني:

يتجه إحداث هيئة انتقالية تحت مُسمى هيئة الحوار الوطني بقصد إسناد عمل المؤسسات الانتقالية الشرعية كالمجلس الوطني التأسيسي والحكومة المؤقتة وتقديم الاقتراحات المتعلقة بإنجاح المسار الديموقراطي والمرحلة الانتقالية الحالية وآليات التعجيل بالمصادقة على الدستور وإجراء الانتخابات المقبلة في أحسن الظروف وأقرب الآجال.

ويشمل الحوار ممثلين عن مختلف الأحزاب السياسية والاتحادات الوطنية والهيئات والمنظمات والجمعيات ومكونات المجتمع المدني المعنية بالشأن الوطني.

ومن جملة المسائل التي يمكن أن تُعرض على هيئة الحوار الوطني لإبداء الرأي فيها:

- الإجراءات الاقتصادية والأمنية والسياسية والاجتماعية المستعجلة.

- تعيين تاريخ انتهاء عمل المجلس الوطني التأسيسي والهيئات المنبثقة عنه.

- ضبط جدول المواعيد الانتخابية المقبلة واقتراح مشروع للقانون الانتخابي وصيغ الاعداد لانتخابات نزيهة وشفافة.

- مراجعة التعيينات في بعض الوظائف الإدارية العليا.

- تقديم الاقتراحات لمراجعة التنظيم المؤقت للسلط العمومية.

- تقديم الاقتراحات لتعديل المشروع الاخير للدستور... الخ

 

- أحمد الرحموني، قاضي رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء.

- فرحات الراجحي، محامي.

- سهام بن سدرين، رئيسة المجلس الوطني للحريات.

- صلاح الدين الجورشي، صحفي ورئيس منتدى الجاحظ.

- زهير مخلوف، نائب رئيس جمعية تأهيل المساجين.

- رؤوف بن يغلان، فنان مسرحي وناشط ثقافي.

- احميدة النيفر، جامعي.

- بسام خلف، ناشط في المجتمع المدني.

- لطفي الآجري، محامي.

- نوفل سعيد، محامي.

- حليمة داود،فنانة مسرحية.

- حمادي الرحماني، قاضي

 


نشطاء المجتمع المدني    تواصل مع كاتب العريضة