زياد قاهر الظلام قهره ظلم القضاء

إنا الممضون أسفله حرصا منا على قيام قضاء مستقل و إحتجاجاعلى تواصل الظلم و الإستهتار بحقوق المواطنة، نعبر عن إستنكارنا بشدة قرار المحكمة القاضي بإدانة زياد القروي بخمس سنوات سجن باطلا في غياب أي دليل مادي يدينه دعوى  تعاطي القنب الهندي. ولئن نعرب عن إستيائنا من هذا الحكم الجائر، فإن موقفنا هذا نابع من تمسكنا بإرساء قيم الثورة المباركة و لا سيما منها تكريس العدالة و سيادة القانون بعيدا عن أي تطاول على الجهاز القضائي من شأنه المساس بهيبته أو التدخل في شؤونه.هذه القضية لا يمكن إختزالها في شخص زياد القروي، بإعتبارها في حقيقة الأمرقضية منظومة عدلية بالية و جهاز قضائي متداعي يعتريه قصور مزمن لم تهب عليه بعد رياح الثورة لتطهره من رواسب إرث إستبدادي ثقيل ومكبل لا يزال يرضخ تحته.هاتان المنضومتان العدلية والقضائية القائمتان كلاهما على مقاربة تعتبر الإنسان محمولا بالظن على أنه مذنب حتى يسمح له بإثبات برائته، هاتان المنظومتان جوهرهما الإستخفاف بالمواطن و حقوق المواطنة و إنكار أبسط حقوق الإنسان، ففي ظل هذه المعادلة يتحول القضاء من مرفق عمومي و سلطة أوكلت إليها مهمة السهر بشفافية و نزاهة على الدفاع على الصالح العام و قضاء مصالح الأفراد الشرعية و حمايتها، إلى جهازللقضاء على المواطن والتنكيل به، وهو ما يقودنا إلى الخوض في ملف القضية. عادة عندما ينكب رجل القانون على دراسة ملف معين لمنوبه يسعى جاهدا للعثورعلى أبسط ثغرة حتى يبرزها في حين أن هذا الملف هو للأسف ملف الثغرات.
أولا من الناحية الإجرائية لم يتم إستدعاء زياد القروي إلى اليوم، و لا إعلامه بصفة رسمية لوجود قضية منشورة ضده، و الحال أن عنوانه بفرنسا معلوم لدى الدولة التونسية ممثلة في السلطات القنصلية وهذا بالطبع  يتنافى مع أبسط شروط المحاكمة العادلة بإعتباره يحرمه من حقوق الدفاع المقدسة.
ـ ثانيا، بالنسبة للمضمون، في هذه القضية أحد أصحاب السوابق ذكر عند إستنطاقه في أحد مراكز الشرطة و في ظروف نجهلها أنه تعود تعاطي مادة القنب الهندي مع مجموعة من الأشخاص من بينهم شخص يدعى زياد القروي و يقطن مدينة رأس الجبل ثم عند مثوله أمام حاكم التحقيق تراجع عن أقواله السابقة مؤكدا أنه حشر المدعو زياد القروي باطلا في هذه القضية. و على ضو ء هذه الأقوال المتناقظة و المتضاربة و في ظل غياب أي دليل مادي يدينه تم إصدار هذا الحكم الجائروالحال أن زياد القروي لم يقطن يوما مدينة رأس الجبل، فإنه أصيل مدينة بنزرت، و أن المتهم ذكر أنه تعود تعاطي هذه المادة مع مجموعة من الأشخاص في حين أن زياد القروي لم يزر تونس، في الاربعة سنوات الأخيرة، إلا لمدة أسبوع فكيف له أن يتعود التعاطي معه خاصة أن المتهم لم يعطي أي صفة تؤكد أن زياد القروي الذي ذكره هو نفس الشخص الذي حكم عليه فالمتهم لم يذكر حتى أن زياد القروي كفيف أو يقدم حتى رقم هاتفه، و هذا ثابت في ملف القضية. 
و بعد ما تم إبلاغ زياد القروي بهذا الحكم الجائر قام، لسد كل الذرائع، بإجراء إختبار للسوائل في إحدى المختبرات في فرنسا كانت نتيجته سلبية. ففي هذه القضية إستعاض القاضي عن غياب أي دليل مادي بالإكتفاء بإعتبار أن مجرد حمل إسم زياد القروي هو كاف لإدانته و يمثل جنحة يعاقب عليها القانون، والحال أنه،
أولا الشك يفسر دائما لصالح المتهم هذا متى تم التأكد من شخصيته فما بالك إن كان الشك يحوم حول شخصية المتهم نفسها.ثانيا أن الإجراآت الجزائية تحكمها ظوابط صارمة لا يمكن الحياد عنها، بحيث يترتب على مجرد خرقها بطلان القضية ذاتها نظرا لبطلان إجراآتها. 
إن  مثل هذه الأحكام الجائرة لن تعمل إلا على التشكيك في القضاء و نزاهته لأن إستقلالية القضاء يقع تقييمها عبر مجموعة الأحكام الصادرة على المدى المتوسط و الطويل و مدى إستجابتها لشروط المحاكمة العادلة النزيهة، كما أن هاتان المنضومتان العدلية و القضائية لا يمكنهما أن تستمرا في الإستخفاف بحقوق المواطن و قيم المواطنة في حين أن كل الثورة لن يكتب لها النجاح ما لم تجعل من الإنسان أساسا للتنمية و توليه المكانة التي يستحقها من أجل إعادة بناء هذا الوطن. و لهذا و نظرا لما تقدم فإننا نوجه نداء إستغاثة إلى السيد وزير العدل و نناشده التدخل شخصيا لإماطة اللثام عما لف هذه القضية من تقصير و قصور، لا سيما في طور التحقيق و ذلك من أجل رفع الظلم الذي كان ضحيته زياد القروي و وإزالة كل إنعكاسته المادية و المعنوية على شخصه.
و في الختام فإن هذه القضية هي قضية الحرية و الكرامة ضد الإستبداد والمهانة و ندعو جميع الأحرار في هذا الوطن إلى العمل على ترسيخ مبدأ مركزي متى لم يتحقق لن تطمئن قلوبنا إلى نجاح هذه الثورة و هو أن كرامة تونس من كرامة مواطنيها عاشت تونس حرة أبية و عاش شعبها حرا كريما شامخا.